الصفحة الرئيسية  اقتصاد

اقتصاد منتجعات تونس تواجه خطر كورونا وتخشى الأسوأ

نشر في  15 مارس 2020  (21:00)

كان عمار الجويني بائع التحف التذكارية في متجر بمنتجع الحمامات التونسي متفائلا بأن تزدهر تجارته بعد أن تعافى قطاع السياحة العام الماضي، إثر ركود لسنوات عقب هجمات استهدفت السياح في 2015.

لكن أمله اصطدم بعقبة جديدة: أزمة فيروس كورونا، التي دفعت العديد من السياح لإلغاء حجوزات عطلاتهم وجعلته يفكر جديا في إغلاق متجره، مصدر رزقه الوحيد.

يقول الجويني (49 عاما) «أزمة فيروس كورونا أثرت كثيرا على تجارتنا.. أصبحنا أحيانا ننتظر ثلاثة أو أربعة أيام لنبيع قطعة واحدة.. التكاليف أعلى بكثير من المداخيل».

ضربة كورونا

وكانت تونس تستعد لموسم سياحي قياسي وتأمل أن يعوض ذلك قطاعات أخرى من الاقتصاد. لكن رئيس الوزراء إلياس الفخفاخ قال الأسبوع الماضي إن حكومته خفضت توقعات النمو الاقتصادي إلى واحد بالمئة من 2.7 بالمئة، مشيرا إلى فيروس كورونا من بين أسباب التراجع المتوقع.

وفي ضربة أخرى لقطاع السياحة، أعلنت تونس أنها ستطلب من جميع الوافدين من كل دول العالم دون استثناء العزل الذاتي لمدة أسبوعين.

وفي الأسبوع الماضي، رحلت السلطات 15 سائحا إيطاليا رفضوا الاستجابة لقرار العزل الذاتي.

وتسهم السياحة بحوالي 10 بالمئة من الاقتصاد التونسي، وهي ثاني أكبر قطاع مشغل للأيدي العاملة بعد الزراعة، وتعد مصدرا رئيسيا للعملات الأجنبية.

وتسبب الانهيار الذي أعقب هجمات 2015 في تباطؤ نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 0.5 بالمئة في ذلك العام من ثلاثة بالمئة كانت متوقعة.

وتفاقمت بسبب ذلك مصاعب الاقتصاد التونسي لتتهاوى قيمة العملة المحلية ويتراجع احتياطي العملة الصعبة تراجعا حادا.

عقب ذلك، وقعت تونس اتفاقا مع صندوق النقد الدولي لبرنامج تمويل بقيمة 2.8 مليار دولار ينتهي في أبريل المقبل. وتريد الحكومة التونسية التفاوض على برنامج جديد.

مدينة الحمامات

ومتجر الجويني المليء بالفخار المطلي والأردية التقليدية والبطاقات البريدية، ليس الوحيد الذي يواجه أوقاتا عصيبة في مدينة الحمامات، حيث تمتد الفنادق على طول الشاطئ الرملي للمدينة الجاذبة للسياح الأجانب.

وبينما كان الجويني يتحدث، كان باعة هدايا آخرون يلعبون كرة القدم على حافة الطريق، ومتاجرهم فارغة تماما.

ولم يكن من الصعب إحصاء العدد القليل من السياح الذين يعبرون على الرصيف قبالة الشاطئ.

يقول السائح الفرنسي المتقاعد هنري سافاري «أنا هنا لأنني أحب الحياة ولا أخشى الموت. سأقضي أسبوعا في هذا المكان الجميل. خضعنا لمراقبة صحية صارمة في المطار. الفندق الذي أقيم فيه جميل ونظيف ولا شيء يدعو للهلع».

وعلى بعد أمتار قليلة كانت عربات تجرها الخيول مصطفة تنتظر زبائنها وكانت الحركة في منتجع ياسمين الحمامات بطيئة جدا، بما يدل على حجم المصاعب التي يواجهها قطاع السياحة الحيوي في تونس.

وفوق عربة تجرها الخيول، ينتظر رمضان الجلاصي رزقا لم يعد سهلا في ظل قلّة أعداد السياح بسبب فيروس كورونا.

يقول الرجل، وهو أب لثلاثة أبناء، إنه لا يكسب سوى 10 دنانير (3.5 دولار) في اليوم.

ويضيف «أصبح من الصعب أن أوفر ما تحتاجه عائلتي».

«عمل آخر»

حتى يوم السبت، أكدت تونس 18 حالة إصابة بفيروس كورونا، معظمها من وافدين حديثا من الخارج.

ولمنع تفشي الفيروس، أغلقت البلاد المدارس وحظرت الصلوات في المساجد وقررت إغلاق المقاهي بحلول الساعة الرابعة عصرا يوميا.

وأغلق البلد كذلك حدوده البحرية أمام المسافرين من جميع البلدان وأوقفت الرحلات الجوية من إيطاليا وإليها وقلّصت رحلات أخرى مع العديد من البلدان.

ويقول سمير نصير، المدير العام لفندق «صدر بعل»، أحد أفخم الفنادق في منتجع الحمامات، إن معدل إشغال الفندق حاليا يصل إلى 15 بالمئة، أي حوالي ربع المستوى المعتاد في مثل هذا الوقت.

ويضيف «لا يخفى أن هناك ركودا. أُلغي العديد من الحجوزات بسبب هذا الفيروس. لكن مع ذلك، لا نخطط في إدارة الفندق لتسريح موظفينا. فقط قد نضطر إلى تأجيل توقيع عقود العمال (المؤقتين) في الصيف إذا استمرت أزمة كورونا».

وعلى عكس هذا الفندق الفخم، الذي يركز جهوده على سياحة النخبة ويستقبل عادة زوارا من كبار الضيوف والمشاهير، فإن كثيرا من الفنادق الأخرى في منتجعات الحمامات وسوسة وجربة والمهدية والمنستير ستضطر للتخلي عن عدد من موظفيها.

وأمكن رؤية العمال يرشون مواد التعقيم في كل أركان الفندق، بينما كان عدد قليل من السياح يستمتعون بأشعة الشمس على مقربة من مسبح كبير.

ورغم تراجع عدد السياح، ما زال نصير متفائلا بتدفقهم من جديد وأن يستعيد القطاع بريقه بعد أن تنقشع الأزمة، التي سببت شللا كبيرا في اقتصادات العديد من دول العالم.

ومضى يقول «ما زلت متفائلا بأن تنتهي الأزمة في نهاية مايو المقبل أو يوليو وبأن يعود السياح في الصيف، وربما تكون انطلاقة قوية في موسم الذروة».

وفي العام الماضي، استقبلت تونس تسعة ملايين سائح للمرة الأولى وبلغت الإيرادات حوالي ملياري دولار وكانت تأمل أن تستمر الانتعاشة.

لكن في ظل توقعات استمرار القيود على السفر والمخاوف العالمية، يبدو من الصعب أن تبلغ تونس هدفها لاستقبال 10 ملايين سائح هذا العام.

ويؤكد وزير السياحة، محمد علي التومي، أن هناك تباطؤا في توافد السياح، وإن الحجوزات توقفت منذ أسبوعين بسبب فيروس كورونا.

ويقول بائع التحف الجويني إن «الأمر ازداد تعقيدا بالنسبة لي ولعائلتي لأن هذا العمل مصدر دخلي الوحيد وقد أضطر للبحث عن عمل آخر».

المصدر: وكالة رويترز للأنباء